اختيارات المهرجان
مهرجان الفيلم العربي هذا العام يقدم باقة سينمائية شديدة التنوع والثراء من 13 دولة عربية مثل السودان (وداعاً جوليا لمحمد كردفاني 2023)، المملكة العربية السعودية (مندوب لعلي الكلثمي 2023)، الأردن (إن شاء الله ولد لأمجد الرشيد 2023)، اليمن (المرهقون لعمر جمال 2023)، الإمارات العربية المتحدة (باص ٢٢ لوندي بيدنارز 2023)، العراق (بلادي الضائعة لعشتار ياسين غوتيريز 2022).
يفتتح المهرجان بجميع أقسامه المهرجان الفيلم الوثائقي الثاني للمخرجة الفلسطينية لينا سويلم باي باي طبريا في عرضه الأول بمدينة برلين. والفيلم يوثق لرحلة لينا مع والدتها الممثلة الفلسطينية الشهيرة هيام عباس لقريتها دير حنا بالجليل في محاولة لاستكشاف تاريخ فلسطين من خلال قصص نساء العائلة عبر أربعة أجيال مختلفة. يجمع بناء الفيلم بين المواد الأرشيفية، بعض الشرائط العائلية التي صوّرت في المناسبات الخاصة، الصوّر الفوتوغرافية والخطابات الشخصية في محاولة لسرد الذاكرة الجمعية الفلسطينية من منظور شخصي. باي باي طبريا هو واحد من بين العديد من أفلام هذه الدورة التي تتماس وقضايا الهوية العربية في المهجر، فنشاهد أبطال وبطلات أفلام مثل بلادي الضائعة لعشتار ياسين غوتيريز 2022، الصورة الخلفية لخالد عبد الواحد 2023، ق لجود شهاب 2023، ما فوق الضريح لكريم بن صالح 2023 في سعيهم/ن الحثيث للانتماء في مواجهة تاريخ عائلاتهم/ن وإرثها الثقافي والديني.
اختيارات المهرجان هذا العام تضم كذلك قسماً خاصاً عنوانه برسونا نون غراتا أو منبوذون ومنبوذات وتندرج تحته باقة من الأفلام التي تتعرض شخصياتها لأنواع مختلفة من التهميش، الإقصاء والوصم. برسونا نون غراتا هو مصطلح قانوني لاتيني يستخدم لتوصيف الأشخاص غير المرغوب فيهم/ن وهو هنا كناية عما يتعرض له أبطال وبطلات قصص هذه الأفلام من نبذ ووصم مجتمعي وسياسي.
بالتوازي مع برنامج بقعة ضوء الذي يركز على التضامن الدولي مع فلسطين في زمنِ تتزايد فيه محاولات تهميش وإقصاء الأصوات الفلسطينية في الغرب، يتعرض مخرجي ومخرجات أفلام هذا القسم بالنقد للبنى الجندرية، الاجتماعية والسياسية التي تؤصل لممارسات التهميش والإقصاء المفروضة على الكثير من الأفراد والطوائف العرقية الاجتماعية ويبرزون في الوقت ذاته المحاولات المختلفة للتصدي لتلك الممارسات ومراوغتها.
الفيلم اللبناني لن تتركنا الطيور (من إخراج محمد صبّاح ودانيال دافي 2023) يسلط الضوء على المنبوذات والمنبوذين بسبب العدوى الجنسية، على التحديات التي يواجهونها مع المحظورات التي يفرضها عليهم/ن المجتمع، وعلى محاولاتهم للتشبيك، لسرد قصصهم/ن والتصدي لوصمهم/ن بالخزي والعار. أما فيلم وداعاً جوليا (لمحمد كردفاني 2023) فتدور أحداثه في مدينة الخرطوم عاصمة السودان في زمن ما قبل التقسيم ويبرز ما تتعرض له بطلته من نبذ وتهميش بسبب العنصرية. في حديث له مع مجلة فاريتي، أكد محمد كردفاني أن إقباله على إخراج هذا الفيلم جاء بدافع قناعته بأن الجنوبيين/ات في السودان كانوا يشعرون بأنهم “مواطنون/ات درجة ثانية في بلادهم/ن” ورغبته في إعطاء قصصهم/ن ما تستحقه من اهتمام على الشاشة حتى لا يكون – كشمالي – متورطاً في محاولات قهرهم/ن.
يعاني المهاجرين والمهاجرات كذلك من التهميش والإقصاء ويعدون في مصاف غير المرغوب في وجودهم/ن في أماكن كثيرة حول العالم وفي الكثير من البلدان العربية كذلك. فيلم حديد نحاس بطاريات (من إخراج وسام شرف 2022) يناقش الصعوبات التي تتعرض لها خادمة منازل إثيوبية ولاجئي سوري في لبنان، بينما يسلط باص 22 للمخرجة وندي بدنارز على المشاكل التي تواجهها أسرة هندية مهاجرة في الإمارات العربية المتحدة.
في الوقت الذي تتزايد فيه شعبية الأحزاب وقوى اليمين المتطرف على مستوى العالم، يتعرض المهاجرون والمهاجرات، خاصاً من العالم العربي في الغرب إلى ممارسات عنصرية وإقصائية مختلفة تجعل وجودهم/ن يبدو غير مرغوب فيه. أفلام مثل جيولوجيا الافتراق ليسر قاسمي ومازوتشي 2023، كازابلانكا لأرديانو فاليريو 2023، يرقة لميشيل ونويل كسرواني 2023، وأصوات الآخرين لفاطمة كاشي 2023 تقدم قصصاً تعيد لشخصياتها انسانيتهم/ن المنسيّة وتتناول تشابكات هوايتهم/ن في علاقتهم/ن بأوطانهم/ن.
تضم اختيارات المهرجان كذلك عرضان لأفلام قصيرة من لبنان، فلسطين، سوريا، الأردن، تونس ومصر والمغرب.
باسكال فخري
مديرة المهرجان